الفهرس
تمرد العمالقة
تأليف :
النوع :
المجال :

قصة تعليمية خيالية تحفّز الأطفال على التفكير في معنى المسؤولية والتواضع، وتبرز أهمية استخدام القدرات الشخصية لخدمة المجتمع.

تمرد العمالقة

أهلاً أهلاً أهلاً يا جدّنا نامل، هلّا حكيتَ لنا قصة من قصصك المشوّقة؟ إنّنا متلهفون لحكايات المستعمرة ومغامراتك المثيرة.

الجد نامل، بصوت عالٍ ملأته الحماسة:

  • أهلاً يا أولاد، لقد اشتقت إليكم! إنني اليوم عندي قصة لم أخبركم بها من قبل. ولكن دعوني أسألكم أولاً: لماذا كنتم تتشاجرون؟ لقد سمعت صوتكم من بعيد.

تعالت الصيحات:

  • هم المخطئون! لا يريدوننا أن نلعب معهم.

  • لا، هم من بدأوا بالصياح علينا!

  • أنتم تبطئوننا ولا تدعوننا نلعب!

الجد نامل:

  • أهدؤوا يا صغار… فلنستمع إلى نمول، ليخبرنا ماذا حدث.

نمول الصغير:

  • نحن، النمل الصغير، نذهب كل يوم لنلعب فوق الصخرة الخضراء عند مدخل المستعمرة. ولأنّ بعضنا لا يستطيع التسلق، يساعدنا الكبار في ذلك كي نلعب جميعاً. لكن اليوم، رفض الكبار مساعدتنا، وقالوا إننا نضيّع وقتهم في مساعدتنا.

الجد نامل:

  • لقد فهمت. إذًا، فقصة اليوم ستكون مفيدة لكم، أيها الصغار.

حيث أنه في أحد أيام الصيف، وكما هي العادة، كان العمل جارٍ على قدم وساق لجمع الطعام. وفجأة، ساد الهرج والمرج عند قائد النمل العامل، فتوقف العمل وتجمّع النمل ليرى ما يحدث. وإذا بالقائد ومجموعة من العمال يتشاجرون! لقد أعلن هؤلاء العمال تمرّدهم وتوقفهم عن العمل.

ومن يرى هؤلاء العمال، يُلاحظ فيهم القوة بوضوح، لضخامة أجسامهم، حتى إن حرّاس المستعمرة لم يتمكنوا من السيطرة عليهم. وقد علمنا أن سبب تمردهم أنهم طالبوا بوقت راحة أطول من بقية النمل، لكن قائد العمل رفض.

وكانت حجّتهم أنهم يجمعون نفس كمية الطعام التي يجمعها أي نملٍ آخر في نصف الوقت. وبالتالي، يرون أنهم يستحقون هذه الراحة. وفي الحقيقة، كانت قوتهم تفوق قوة بقية النمل في المستعمرة، ولذلك كانوا قادرين على حمل كميات أكبر. ولكن قائد العمل رأى أن هذا يُخلّ بنظام العمل.

وبما أنه لم يستطع إقناعهم، فقد أعلنوا التمرّد رسميًا.

جاء قائد الحرس وفضّ الاشتباك، وقرر أن يأخذ جميع الأطراف إلى مستشاري الملكة ليجدوا حلًا لهذه المشكلة.

وانعقد مجلس المستشارين واستمع لكل الأطراف، ثم أمروا قائد العمل أن يترك النمل المتمرّد، ويعود إلى عمله، مؤكدين أنهم سيتولون أمرهم.

وبالفعل، عاد القائد إلى عمله، وعاد النمل إلى جمع الطعام. لكن بدأ الجميع يتهامسون عن مصير النمل المتمرّد.

ومرّت الأيام، حتى جاء صباح اليوم الرابع، وفوجئنا بأن النمل المتمرّد قد عاد للعمل مرة أخرى، بعد أن اعتذروا للقائد وكأن شيئًا لم يكن!

ماذا حدث؟ الكل يتساءل! كيف هدأ هؤلاء العمال؟ وما الذي غيّر رأيهم؟

وفي النهاية، زال غموضنا عندما قصّ علينا أحدهم ما جرى خلال الأيام الثلاثة التي غابوا فيها عن العمل

.وبدأ في رواية ما حدث:

اليوم الأول:

قال: بعد أن انصرف القائد، جاء مستشار الملكة وقال لنا:

لقد فهمت منكم أنكم ترون أنفسكم أصحاب فضل على غيركم من النمل، لأنكم أقوى بفضل بنيتكم التي منحكم الله إياها. وتستطيعون جمع كمية من الطعام لا يستطيع غيركم جمعها، ولذلك ترون أنكم تستحقون راحة أطول. وأنا، باسم مجلس المستشارين، أوافقكم… لكن بشرط: أن تقضوا معي ثلاثة أيام، وبعدها افعلوا ما شئتم.”

في اليوم الأول، ذهب بنا المستشار لحضور تدريب خاص بحرس النمل، يتدرّبون فيه على إنقاذ نملة مصابة أثناء الكوارث مثل الاعتداءات أو الفيضانات.

وكان التدريب يتطلب حمل نملة مصابة إلى مكان آمن. قُسّم الحراس إلى فريقين يتنافسان في هذا التمرين. واستعان المستشار بأحد أفراد مجموعتنا – وهو أضخمنا – ليقوم بدور النملة المصابة، بينما الفريق الآخر أنقذ نملة حراسة حقيقية.

بدأت المسابقة، فاستطاع فريق الحراس رفع نملة الحراسة بسهولة وسرعة، ووصلوا بها إلى بر الأمان. أما الفريق الذي حمل نملتنا القوية، فقد عانى كثيرًا في رفعها ولم يقطع نصف المسافة حتى.

ورأينا بأعيننا كيف أن النملة القوية عندما احتاجت إلى من يساعدها، أصبحت عبئًا ثقيلاً على غيرها. وانتهى يومنا الأول ونحن نفكّر بعمق.

اليوم الثاني:

في اليوم الثاني، أخذنا المستشار إلى موقع بناء منازل جديدة لتوسيع المستعمرة.

وهناك، طلب من أحدنا أن يدخل منزلًا تم الانتهاء من بنائه، ليختبر ملاءمته. لكن المفاجأة أنه لم يستطع الدخول بسبب ضخامة حجمه.

فأمر المستشار عمال البناء بتوسيع المنزل، فعملوا طوال اليوم بجهد مضاعف حتى أصبح مناسبًا له.

وهنا أدركنا أن عمال البناء – رغم جهدهم الكبير – اضطروا لبذل جهد إضافي من أجلنا. لقد كنا عبئًا مضاعفًا عليهم أيضًا!

فأصبحنا نعلم أننا كنّا على غير بصيرة، وأن القوة وحدها لا تكفي، بل قد تسبب مشقة للآخرين.

رغبنا أن نعود إلى العمل فورًا، لكن المستشار طلب أن نكمل اليوم الثالث.

اليوم الثالث:

جاءنا المستشار هذه المرة ومعه نملة كبيرة في السن، تمشي ببطء شديد. وقال لنا:

“هذا اليوم سيكون بصحبة الجد المُبجّل.”

ولم يقل شيئًا أكثر من ذلك، مما أثار التساؤلات لدينا، لأننا لم نفهم ما هو المطلوب.

وبعد أن غادر المستشار، سألنا الجد كيف يمكننا أن نساعده، فطلب منا أن نصطحبه في نزهة إلى الحدائق القريبة من المستعمرة. ولأنه لا يستطيع المشي لمسافات طويلة، بدأنا نتناوب على حمله.

وبالفعل، أصبحنا نتنقل من مكان إلى آخر حسب رغبته، حتى وصلنا إلى شجرة عظيمة.

توقّف الكهل تحتها طويلًا، صامتًا، ينظر إليها بحزن. لم نفهم سبب حزنه، لكنه أمرنا بالعودة إلى المستعمرة.

وقبل أن نتركه، سألناه عن هذه الشجرة، فقال:

“عندما كنت شابًا، وجدت أن نتيجة جفاف النهر أصبحت بعض النباتات تذبل لبعدها عن الماء، وكانت هناك نبتة صغيرة تكاد تذبل من قلّة الماء. فصرت أزورها يوميًا في وقت راحتي، وأسقيها، وأضع لها السماد من أوراق الشجر المتساقطة القريبة. وبعد أن اشتدّ عودها، اطمأننت، وأصبحت أزورها بين الحين والآخر. وها هي اليوم… تلك الشجرة العظيمة.”

قلنا له:
“يا جدّنا، إنها قصة جميلة تدعو للفخر! فلماذا الحزن؟”

فأجاب:

“ما يحزنني أنني أصبحت ضعيفًا، بطيئًا، ولم أعد قادرًا على أن أرعى نبتة أخرى توشك على الموت… يا ليت الشباب يعود يومًا، لأرعى المزيد.”

نزلت كلماته علينا كالصاعقة. وأصبحنا نشعر كم كنا حمقى، نفكر في الراحة دون أن نُقدّر النعمة التي أنعم الله بها علينا.

ومنذ ذلك اليوم، أخذ كل واحدٍ منّا عهدًا على نفسه أن يبذل جهدًا أكبر، بل وأن يعمل حتى في وقت راحته… فالوقت لا يدوم، ولا القوة كذلك.

وبالفعل، أصبح هؤلاء الثلاثة من أكثر النمل نشاطًا في جمع الطعام، حتى إن الملكة كرّمتهم على مجهوداتهم وتفوقهم الملحوظ، وأصبحوا مثالًا يُحتذى به.

الجد نامل:
هل فهمتم الدرس يا أطفال؟
مهما بلغت قوتك أو ذكاؤك، لا تبخل به على غيرك. فالكبار منكم، عندما كانوا صغارًا، كانوا يحتاجون إلى مساعدة من هم أكبر منهم. سرّ نجاح المستعمرة وسعادتنا جميعًا هو التكامل، والتعاون، والرحمة بين جميع الأفراد.

النمل جميعًا بصوتٍ واحد:
شكرًا لك يا جدّنا، لقد فهمنا الدرس جيدًا، ونعدك أن نصبح مثالًا يُحتذى به في كل المستعمرة… المهم ألا تتأخر علينا في قصصك، يا جدّنا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

متابعة أهداف الكتابة
اكتمال الفصول
0%
6 6
الكلمات المكتوبة
0%
1015 1015

الوقت المتبقي للانتهاء

Days
Hr
Min
Sec
لقد انتهى الوقت المخصص لإكمال الكتاب

منصة الكتابة

سنساعدك في تحويل أفكارك إلى كتب ملهمة، حيث تنبض الحروف بالحياة وتصبح رحلتك مع الكلمات تجربة فريدة.

نضع بين يديك مجموعة من الأدوات التي تساعدك في رسم حكاياتك وأفكارك لتجعل من طموحاتك قصصًا تُروى وأخبارا لا تنسى.