الفهرس
الفتى الذهبي

قصة تتناول المغامرات التى يقوم بها الفتى الشجاع وعن طريق حيلة ذكية يسترجع فتاة

الفتى الذهبي

غادر الفتى جاسر دار الشفاء بعد أن تعافى تماما من حروق طفيفة كانت قد لحقت بوجهه وذراعيه عندما ألقى بنفسه إلى التهلكة دون أهل القرية وتمكن ببراعة فائقة من إنقاذ العم فرحان من قلب النيران التى إشتعلت بمنزله فى ساعة متأخرة من الليل والناس نيام ولم يكن أحد فى المنزل غيره وأجمع الحاضرون وقتذاك على أن العم فرحان سامر القرية الشهير قد أكلته النار قبل أن يدركه الفتى جاسر
فاستقبل أهل القرية بالتهانى والترحاب وفى المساء دعاه العم فرحان إلى سامره وقال له
-ما كان يجدر بك يافتى أن تغامر بحياتك من أجل عجوز مثلى بلغ من العمر أرذله فإبتسم الفتى وقال ملاطفاً وهو يشير بيده إلى الجمع الحضور من الكبار والصغار
-وما كان بإستطاعتى أن أحرم نفسى وكل هؤلاء من الإستماع بحكاياتك الشيقة ونصائحك الصائبة
-وماذا فى جعبتك الليلة … ياأحلى وأجمل عم فى الدنيا كلها
فإنشرح صدر العم فرحان وعدل من جلسته وغاص فى الحكاية
يحكى أن طائر العقاب العملاق قد هوى على مملكة الهنا وإختطف منها طفلة صغيرة وهى فى حضن أمها وطار بها نحو الجبال الحلقية الأربعة التابعة لمملكة المساخيط التى تسمى بجبال خذ وهات ثم وضع ذلك العُقاب بالطفلة فى باحة الجبل الرابع فأخذت أم الطفلة تهيم على وجهها فى شوارع مملكة الهنا وهى تبكى وتصرخ صراخا تنخلع له القلوب من بين الضلوع
-يارجال مملكة “الهنا” إلى متى تظلون هكذا نائمين غافلين عما يحدث لفلذات أكبادنا بين الآونة والأخرى أما آن الأوان بعد كى تهبوا من غفلتكم أما من وسيلة تقهرون بها هؤلاء المساخيط قبل أن يقضى على نسلكم جميعا أم رضيتم بأن تسخط أط
-فالنا ونقطع أوصال فتياتنا ورجالنا
ألا من مجيب هكذا تغلفون أبوابكم فى وجهى ألا يوجد بينكم شجاع يسعى لإنقاذ ابنتى الوحيدة يتيمة الأب قبل أن تسخط؟
ولكن بابا واحدا أطل منه فتى صغير وقال لها
-أنا من تقصدينه ياخالتى
-فأمسكت المرأة عن البكاء ونظرت إلى الفتى وقالت له وهى فى ذهول بالغ
-أنت ياصغيرى تقدر على ماتقاعس عنه الكبار؟
فأجابها الفتى
-أجل ياخالتى سوف أسعى جاهدا إنقاذ وحيدتك ولا تراجع فى الأمر
فتساءلت المرأة وقد إنفطر قلبها شفقة على الفتى
-كيف ياولدى ؟ والطريق لإنقاذ ابنتى يمر عبر تلك الجبال اللعينة خذ وهات وهذا يجعلك تضحى بأغلى مالديك
-أعلم جيدا أن قانون مملكة المساخيط يقضى بأن أخذ منهم ما أشاء عند الدخول فى تلك الحبال الحلقية داخل بعضها البعض وعند الخروج منها وفى حوزتى الطفلة يقطعون من جسدى أربعة أجزاء لكل جبل جزءاً
فتساءلت المرأة وهى تذرف الدموع
-ولم ؟ أنت ياولدى
فأجابت المرأة
-كلا . ياولدى
فقال الفتى
-إطمئنى ياخالتى لن أترك إبنتك تُسخط
وتدبر الفتى أمره ومضى إلى الجبال الحلقية الأربعة غير عابئ بما يحدث به وعند سفح الجبل الأول توقف أمام نصب تذكارى نقش عليه قانون مملكة المساخيط خذ وهات وفى تلك الأثناء هبت على المكان عاصفة هوجاء كشفت للفتى عن نقش آخر كان مطمورا تحت التراب مفاده من ينحت على الصخر بأحرف هذه الكلمة ويضع على كل جبل من تلك الجبال الأربعة حرفا منها ثم يخرج من هذه الجبال دون أن يقطع من جسده جزء واحد سوف تحترق مملكة المساخيط وتندثر إلى الأبد للتذكر العُقاب العملاق يقع تحت سيطرة تعويذة محفورة على قلادة فى عنق كبير المساخيط فى الجبل الأول وهو سيد العُقاب العملاق بموجب هذه القلادة
قال الفتى فى نفسه
-سأخطط لهذا الأمر جيداً عسى أن أفلح فى إنقاذ مملكتنا وسائر الممالك الأخرى من شر تلك المملكة الرهيبة
وفى جرأة وعناد إقترب الفتى من مساخيط الجبل الأول فقال له كبيرهم
-أيها الفتى الصغير القادم إلينا من مملكة الهنا أنت الأن فى جبل العين اليمنى فأعلم أن جبالنا جبال حلقية ذات منعة شديدة فهى محاطة من كافة الأنحاء بحراس أشداء فمن يدخل إليها لا يخرج منها دون أن نأخذ منه حقنا عملاً بقانوننا السيادى
فقال الفتى
-أعلم أن قانونكم المهيب يخول لى عند الدخول إلى جبلكم هذا أن آخذ منكم ماأشاء دون إعتراض منكم أو تساؤلات وعند الرجوع تأخذون منى عينى اليمنى
قال كبير المساخيط الجبل الأول
-حسنا يافتى نلبى لك كل شئ تطلبه منا دون إعتراض أو تساؤلات
قال الفتى
-أريد منكم أن تقيموا فوق قمة جبلكم هذا نصبا ضخما من الصخر لحرف الزين بحيث أراه عندما أقف على قمة الجبل الذى يليه هذا أولا
-وثانياً
أخذ الفتى يحدق بإنتباه شديد فى القلادة التى تتدلى على صدر كبير المساخيط وقال
-أريد هذه القلادة الجميلة فهى تعيننى كثيرا وأعاهدك أننى سوف أردها لك عند عودتى ولكى يطمئن قلبك سأكتب لك صكا يخول لك أن تفصل رأسى عن جسد إذا ما أنا نكثت بذلك العهد
فقال كبير مساخيط الجبل الأول وقد إعتراه الأرتباك والإنزعاج
-لك ماطلبت يافتى وسوف نلبيه لك على الفور لكننى أتساءل لم هذه القلادة بالذات ؟
فإن شئت أعطيناك أعظم منها
قال الفتى فى نفسه
“لن أعطيك جوابا مريحا سأدعك حائرا تتلظى
ثم نظر إلى كبير المساخيط
-أعتقد أنك جاوزت حدود القانون بسؤالك هذا
فقال كبير المساخيط والدم يكاد يتفصد من وجهه
-معذرة يافتى فما كان ينبغى لى أن أسألك كيف ولماذا ولكن تذكر لدى عودتك سوف أقتلع عينك اليمنى بلا رحمة أو شفقة
وبدون إبطاء أو تردد خلع كبير مساخيط الجبل الأول القلادة من عنقه ووضعها فى عنق الفتى ثم قال فى حرقة بالغة
-أتريد شيئا آخر؟
فقال الفتى والقلادة تتدلى على صدره
-أريد مايكفينى من الطعام والفاكهة والماء حتى أبلغ سفح الجبل الثانى
وحمل الفتى طعامه وشرابه ومضى نحو الجبل الثانى تاركاً مساخيط الجبل الأول تسودهم حالة من القلق والتوتر مما جعل كبيرهم يصبح غاضبا
-تباً لهذا القانون وسحقاً لصانعيه الأغبياء أما كان فى وسعهم أن يتيقنوا لهذا الأمر
فقال أحدهم :
-هدئ من روعك ياكبيرنا فالأمر لا يعدو عن كونه فتى صغيراً لا يعى قدر القلادة
فقال كبير المساخيط
-ولكن أمره سيظل يخيفنى حتى يعود
فلما بلغ الفتى الجبل الثانى قال كبير مساخيط ذلك الجبل
-أيها الفتى الصغير .أنت الآن فى جبل الساق اليمنى لك أن تطلب منا ما تشاء فنلبيه لك دون إعتراض أو تساؤلات وعند العودة سوف تغادرنا وأنت بساق واحدة عملاً بقانوننا السيادى
فطلب الفتى أن يقيموا على قمة جبلهم نصبا ضخما من الصخر لحرف الواو كما طلب منهم أيضا أن يزودوه بالطعام والماء والفاكهة وبعد أن إستراح الفتى قليلا من الوقت مضى إلى الجبل الثالث وهناك قال له كبير مساخيط ذلك الجبل
-أيها الفتى الصغير أنت الآن فى جبل الذراع الأيمن مرنا بما تشاء نلبه لك على الفور وعند عودتك سوف نقطع ذراعك الأيمن عملا بقانوننا السيادى
فقال الفتى
-أريد منكم أن تقيموا فوق جبلكم هذا نصباً ضخماً من الصخر لحرف الألف
وبعد أن أستراح الفتى حمل مايكفيه من الطعام والشراب والفاكهة وإنطلق إلى الجبل الرابع فقال له كبيرمساخيط ذلك الجبل
-أيها الفتى الصغير القادم إلينا من مملكة الهنا أنت الآن فى جبل اللسان آخر جبالنا الحلقية المنيعة فما جئت من أجله تجده فى منتصف باحة هذا الجبل داخل قفص السخط الذهبى تلهو بالدمى الذهبية أطلب ماتشاء نلبه لك على الفور وعند المغادرة نقطع لسانك عملاً بقانوننا السيادى
فشرد الفتى بذهنه برهة وقد تظاهر بالحزن والآسى مما جعل كبير مساخيط الجبل الرابع يتساءل
-ماخطبك يافتى ؟!
أجابه الفتى
-إن ما يحزننى حقاً أننى عما قليل سوف أفقد القدرة على مخاطبة الناس حتى الموت
فقال كبير المساخيط
-مازال بإمكانك التراجع والتخلى عن الطفلة
فقال الفتى
-يصعب ذلك بعد كل هذا العناء كما أن هناك أم مكلومة تنتظر عودتى وفى معيتى طفلتها
فقال كبير المساخيط
-إذن أفصح لنا عما تريد
فطلب الفتى من كبير مساخيط الجبل الرابع أن يقيموا فوق جبلهم نصباً ضخماً من الصخر لحرف اللام كما طلب منهم أيضا أن يصنعوا له ثوباً من الذهب الخالص وتاجاً مرصعاً بالياقوت والماس لرغبته فى السير إلى الطفلة وهو في هيئة ملك مهيب لكى يستمتع قليلا بمباهج الدنيا قبل أن يصبح جسده مناصفة بين الحياة والموت فلبوا له مطالبه ثم لبس الفتى ثوبه الذهبي
ووضع تاج الملوك على رأسه ومضى إلى قفص السخص الذهبي وهناك وجد الفتاة تجلس داخل القفص وهى تلعب بالدمى الذهبية لاتدرى مصيرها والعُقاب العملاق يحوم فى سماء المكان فنظر الفتى على الطفلة وقال لها
-أيتها الطفلة السعيدة حان وقت المغادرة
-ثم تشبث الفتى بقضبان القفص الذهبي ونظر إلى أعلى وصاح قائلا
-أيها العُقاب العملاق أنا سيدك الآن وآمرك أن تقلع بهذا القفص عاليا إلى مملكة الهنا
وهوى العُقاب العملاق من عليائه وقبض على دعامة القفص بمخالبه القوية وطار به عاليا فنظر الفتى إلى قمم الجبال الحلقية الأربعة وعلى كل جبل منها حرف من كلمة زوال
فصاح الفتى بأعلى صوت زوال … زوال ….. زوال يامملكة المساخيط الشريرة
وقتها تأججت النيران فى الجبال الحلقية الأربعة فى آن واحد وإحترقت بمن فيها بعد ذلك حط العُقاب العملاق وقال الفتى
-أيها العُقاب العملاق يامن إستقوى بك المساخيط عقوداً من الزمن أنت الآن صرت فى حوزتى سأبقى عليك من أجل الخير فقط فأقلع إلى أطراف مملكتنا الآمنة حتى يأتيك أمرى
وفتح القفص الذهبى وأخرج منه وسرعان ما فتحت الأبواب وهرع منها أهلها نحو الفتى وهم يتصايحون فى فرح وسرور
-يابشرانا فتى ذهبى وقفص ذهبى
وفى لهفة وشوق وحنين ضمت المرأة طفلتها إلى صدرها بقوة وقالت للفتى
-أيها الفتى الذهبى لقد رددت لى روحى وأرواح هؤلاء جميعا فشكراً لك وعدت ووفيت وإزاء هذا الأمر عزم شعب مملكة الهنا على خلع ملكهم المتخاذل وتنصيب الفتى الذهبى ملكاً عليهم
وتوتة …. توتة
فإبتسم الفتى جاسر للعم فرحان وهو يهم بمغادرة السامر وقال متعجباً
أطال الله فى عمرك ياعم فرحان أين أنا ومن ذاك الفتى الذهبى ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

متابعة أهداف الكتابة
اكتمال الفصول
0%
1 1
الكلمات المكتوبة
0%
1459 1458

الوقت المتبقي للانتهاء

Days
Hr
Min
Sec
لقد انتهى الوقت المخصص لإكمال الكتاب

منصة الكتابة

سنساعدك في تحويل أفكارك إلى كتب ملهمة، حيث تنبض الحروف بالحياة وتصبح رحلتك مع الكلمات تجربة فريدة.

نضع بين يديك مجموعة من الأدوات التي تساعدك في رسم حكاياتك وأفكارك لتجعل من طموحاتك قصصًا تُروى وأخبارا لا تنسى.