كتاب "السلحفاة الطموحة" هو قصة قصيرة للأطفال تهدف إلى غرس قيمة الإصرار والثقة بالنفس في نفوس الصغار. من خلال شخصية السلحفاة "سلوي"، يتعرف الطفل على أهمية الطموح والعمل الجاد وعدم الاستسلام للسخرية أو العقبات.
في غابة خضراء هادئة، كانت تعيش سلحفاة صغيرة اسمها سلوى. كانت سلوى محبوبة بين الحيوانات، معروفة بطيبتها وهدوئها. لكن سلوى كانت بطيئة جدًا في حركتها، وهذا كان يجعلها أحيانًا تشعر بالحزن، خاصة عندما ترى أصدقاءها يلعبون ويركضون بسرعة. رغم بطئها، كانت تحب أن تحلم كثيرًا… وكانت تحب التأمل في السماء
في أحد الأيام، جلست سلوى تحت شجرة عالية، ونظرت إلى السماء. رأت مجموعة من الطيور تطير في انسجام، ترفرف بأجنحتها فوق الأشجار. كان المنظر جميلًا جدًا. تنهدت سلوى وقالت بصوت هادئ: “كم أتمنى أن أكون طائرًا لأحلق في السماء، وأرى العالم من فوق.” لم تكن تعرف كيف، لكنها شعرت أن هذا الحلم يسكن قلبها بقوة.
كانت سلوى تقضي ساعات طويلة وهي تتأمل الغيوم البيضاء التي تمر ببطء، مثلها تمامًا. كانت تتخيلها تأخذ أشكالًا مضحكة: سلحفاة نائمة، أو أرنب يقفز، أو منطاد يطير. كانت تحب أن تتخيل نفسها تطير مع الغيوم، خفيفة مثل الريشة، تسبح في السماء الزرقاء بعيدًا عن الأرض.
لكن كلما عادت إلى واقعها، شعرت بالحزن قليلاً. فهي لا تستطيع الركض، ولا القفز، ولا الطيران. وفي بعض الأحيان، كانت تسمع الحيوانات الصغيرة تهمس:
“سلوى بطيئة جدًا… لن تصل أبدًا إلى أي مكان!”
كانت تلك الكلمات تؤلمها، لكنها لم تكن تُظهر ذلك. بل كانت تبتسم وتقول في نفسها:
“ربما أكون بطيئة في الحركة… لكنني سريعة في الحلم.”
وفي كل يوم، كانت تكتب أحلامها الصغيرة في دفتر صغير تخبئه تحت قوقعتها. كتبت فيه:
أريد أن أطير يومًا ما
أريد أن أزور الغابة كلها
أريد أن أصبح شيئًا مميزًا
لم تكن تعرف كيف ستتحقق هذه الأحلام… لكنها كانت تؤمن بأنها
ستفعل، يومًا ما.
ذهبت سلوى إلى أصدقائها وقالت لهم بحماس: “أريد أن أطير!”
ضحك الأرنب وقال باستهزاء: “أنتِ سلحفاة! السلاحف لا تطير!”
وقالت الضفدعة: “هذا حلم مستحيل، لماذا تضيعين وقتك؟”
لكن سلوى لم تغضب. نظرت إليهم بهدوء وقالت: “ربما تعتقدون أن الأمر مستحيل، لكن أنا أؤمن أن كل شيء ممكن
قررت سلوى أن تذهب إلى البومة العجوز التي تعيش في أعلى شجرة، فهي معروفة بحكمتها. صعدت سلوى ببطء شديد وسألتها:
“يا بومة، أريد أن أطير، هل هذا ممكن؟”
أجابت البومة: “إذا آمن القلب بالحلم، وعمل العقل بجد، فإنك تستطيعين تحقيق ما تعتقدين أنه مستحيل. الطيران ليس فقط للأجنحة، بل للعقول الطموحة
عادت سلوى إلى بيتها وهي تفكر في كلام البومة. فجأة خطرت لها فكرة: “لماذا لا أصنع منطادًا يطير بي؟”
ركضت إلى الورق والأخشاب والخيوط، وبدأت ترسم أفكار وتصميم شكل المنطاد في ذهنها. كانت تشعر بالحماس لأول مرة منذ وقت طويل
.
بدأت سلوى تبحث في الغابة عن كل ما يمكن أن يساعدها: أوراق كبيرة، عصي خفيفة، أقمشة مهملة. كانت تعمل يومًا بعد يوم، رغم البطء والتعب. لم تكن خائفة من الفشل، كانت متحمسة لحلمها. مرّت أيام وسلوى تصنع وتجرّب وتصلح وتعيد البناء.
كانت سلوى تستيقظ كل صباح مع شروق الشمس، وتقول لنفسها:
“اليوم خطوة جديدة نحو السماء!”
ثم تبدأ العمل بهدوء واجتهاد.
أحيانًا كانت الرياح تطيح بما بنته في اليوم السابق، وأحيانًا تسقط منها القطع وهي تحاول تثبيتها، لكنها لم تبكِ ولم تتوقف.
قالت لنفسها: “النجاح لا يأتي بسرعة… بل يحتاج صبرًا مثل مشيتي.”
ذات يوم، كانت تحاول ربط أعواد خفيفة ببعضها، لكنها لم تستطع وحدها. جلست تفكر:
“ربما أحتاج لمن يساعدني… ليس لأنني ضعيفة، بل لأن التعاون يصنع القوة.”
بدأت تطرق على باب كل حيوان تعرفه، تسأله بلطف إن كان يودّ مساعدتها.
بعضهم تردد، والبعض سخر، لكن هناك من بدأ ينظر إلى إصرار سلوى بإعجاب.
قالت العصفورة الصغيرة: “أنا أساعدك! أجنحتي صغيرة، لكنني أستطيع أن أجلب لك الريش من الأعشاش القديمة.”
وقال السنجاب: “سأعطيك بعض العصي من مخزني الشتوي، فهي خفيفة وقوية.”
وهكذا، بدأت سلوى تجمع بين الجهد والعمل الجماعي. لم تعد وحدها، بل أصبحت قائدة لفريق صغير… يعملون كل يوم معًا ليصنعوا شيئًا غير مسبوق في الغابة.
كانت القلوب تتقارب، والحلم يكبر، والمنطاد
يبدأ في التكون
رأى بعض الحيوانات إصرار سلوى، فقرروا مساعدتها. جاء العصفور الصغير وحمل لها الريش لتزيين المنطاد، وجلب السنجاب عصيا متينة وخفيفة، أما الفيل فقد ساعدها في نفخ البالونات الكبيرة التي ستُستخدم لرفع المنطاد. كانت سلوى ممتنة جدًا، وشعرت أن العمل الجماعي أجمل مما توقعت.
بعد أسابيع من العمل، أصبح المنطاد جاهزًا. كان مدهشًا: ملوّن، خفيف، مزين بالريش، وله سلة صغيرة تجلس فيها سلوى. اجتمعت الحيوانات كلها لتشاهد لحظة الانطلاق. تنفست سلوى بعمق، ودخلت إلى السلة. بدأت البالونات ترفعها ببطء نحو السماء. الكل صفق وهتف: “سلوى تطير! سلوى تطير!”
كانت سلوى تطير فوق الغابة، تنظر إلى الأشجار من الأعلى، ترى الجبال والأنهار والزهور من بعيد. شعرت بسعادة لم تشعر بها من قبل. قالت لنفسها: “لقد فعلتُها. أنا أطير الآن.” طارت لفترة ثم عادت بسلام إلى الأرض. لم تكن فقط سلحفاة، كانت الآن رمزًا للأمل والإصرار.
اجتمعت الحيوانات من جديد حول سلوى، لكنها هذه المرة لم تسمع ضحكًا أو سخرية. قال الأرنب: “كنت مخطئًا يا سلوى، أنت علّمتِنا درسًا مهمًا.”
قالت البومة: “أنتِ مثلٌ يُحتذى به في الطموح.”
ومنذ ذلك اليوم، أصبحت قصة السلحفاة سلوى تُروى لكل صغير في الغابة، لتعلمهم أن الطموح لا يعرف شكلًا أو حجمًا أو سرعة، بل يعرف القلب الذي لا يستسلم
مرت أيام وسلوى أصبحت مشهورة في الغابة. كانت الحيوانات تأتي لزيارتها، تستمع إلى قصتها، وتسألها: “ما هو سر نجاحك؟”
وكانت سلوى تبتسم وتقول: “الإيمان بالنفس، والعمل الجاد، وعدم الاستسلام.”
لكن سلوى لم تتوقف عند هذا الحلم. جلست يومًا تحت شجرتها، ونظرت إلى النجوم وقالت:
“لقد طرت في السماء… والآن أحلم أن أزور الجبال البعيدة، أن أرى الصحارى، وربما يومًا… أن أعلّم الصغار كيف يحلمون ويعملون لتحقيق أحلامهم.”
ضحكت بخفة وقالت: “يبدو أن قلبي لا يكتفي بحلم واحد!”
هكذا، بدأت سلوى تخطط لمغامرة جديدة، وأصبحت تلهم الحيوانات كلها، ليس فقط بالحلم، بل بالشجاعة التي تجعل من المستحيل… ممكنًا.
بدأت سلوى تستقبل صغار الحيوانات كل يوم قرب شجرتها، وتحكي لهم قصتها. لم تكن فقط تحكي لهم عن الطيران، بل كانت تسألهم:
“ما هو حلمك أنت؟”
كانت تساعد كل صغير في رسم حلمه على الورق، وتشجعه أن يبدأ بخطوة صغيرة.
أنشأت “نادي الطموحين الصغار”، وصارت تعلمهم الصبر، الإبداع، والتعاون. كانت تقول دائمًا:
“لا يهم إن كنتم سلاحف أو عصافير أو نمل، المهم أن يكون لكم حلم، وأن تؤمنوا بأنفسكم.”
وفي كل مرة كانت تنظر إلى السماء، تبتسم وتهمس:
“كل حلم صغير، إذا زرعناه بالعزم، كبر وأصبح سماءً نحلّق فيها
في أحد الأيام، خطرت لسلوى فكرة جديدة. قالت لنفسها:
“لقد تعلمت كثيرًا من تجربتي، فلماذا لا أشارك قصتي مع غابات أخرى؟ ربما هناك سلاحف مثل سلوى… ينتظرن من يشجعهن!”
بدأت تكتب رسائل صغيرة تحكي فيها عن حلمها ورحلتها. ساعدها الطائر الأزرق في حمل الرسائل إلى غابات بعيدة.
النهاية
وهكذا انتهت قصة “السلحفاة الطموحة” التي علمتنا أن الأحلام لا تقاس بحجم الجسد أو سرعة الخطوة، بل بعزيمة القلب ونور الأمل
بعد أيام، بدأت الردود تصل!
سلحفاة من غابة الصنوبر كتبت: “بدأت أصنع قاربي الخاص!”
وأرنب من وادٍ بعيد كتب: “لم أعد أسخر من الأحلام، بل بدأت ألاحق حلمي في أن أصبح موسيقيًا!”
وطفلة سلحفاة صغيرة كتبت لها: “أنتِ بطلي يا سلوى.”
فرحت سلوى جدًا، وشعرت أن قصتها لم تنتهِ بعد… بل بدأت تنمو في قلوب كثيرة.
سنساعدك في تحويل أفكارك إلى كتب ملهمة، حيث تنبض الحروف بالحياة وتصبح رحلتك مع الكلمات تجربة فريدة.
نضع بين يديك مجموعة من الأدوات التي تساعدك في رسم حكاياتك وأفكارك لتجعل من طموحاتك قصصًا تُروى وأخبارا لا تنسى.