فتاة اسمها زمردة في الثامنة من عمرها مغامرة مشاكسة ؛ تحاول أن تتعلم من كل مغامرة درسا جديدا في الحياة تخوض مغامرتين اثنتين أولاهما هي اختارتها بأن تثور على خوف المجتمع وتعرف حقيقة جبل سماه جبل الموت كان الناس يموتون فيه رعبا من مجهول ؛لتكتشف أنه حكاية حب للحياة ؛ وبهذا سمته جبل الحياة أما المغامرة الثانية فهي قدر من الله بدات بعملية جراحية لها تزامنا مع مشهد شهيد من فلسطين , ظل عالقا في ذهنها وكلما مرت عليها صورته آلمها جرح العملية حتى صار عمرها ٣٣ عاما الآن تعيش احداث طوفان الأقصى وكيف عرفت حال أهله لتستنتج أن في الحياة عشاق لها يدفعون الغالي والنفيس ثمنا لها كلهم يعيشون حصارا في جبل الحياة
زمردة بنت في الثامنة من عمرها ، تسكن في كوخ صغير مع والدها ووالدتها وأخيها الصغير ، مغامرة ومشاكسة لكنها شجاعة لا تسمح للخوف أن يتسلل إلى قلبها ، وتحب أن تتعلم من كل تجربة تمر بها درسا جديدا.
ذات يوم عطلة _بسبب عاصفة ثلجية_شعرت زمردة بالملل ، لأنها لا يمكنها اللعب بالكرة داخل المنزل كعادتها ، فماذا قررت يا ترى أن تفعل ؟
قررت لأول مرة أن تتسلى بالتفكير والتأمل فيما حولها،فقد سمعت أن التفكير أمر مسل وفيه مغامرات ممتعة .
نظرت صدبقتنا من نافذة غرفتها متأملة تحدث نفسها :سبحان الله جبل بديع ، مطل على كوخنا ولا يذهب إليه أحد من قريتنا، يا ترى ما سره؟ ما يخفي من الجمال والروعة من بديع خلق الله ؟ علي أن أستكشف هذا ..لكن كيف تبدأ رحلة الاستكشاف؟ من توجيه الأسئلة وجمع المعلومات
لكن ياترى من سيساعدني ؟
والدتي المشغولة دائما بإعداد الطعام وتنظيف وترتيب الكوخ ورعاية أخي الصغير ، أم والدي المشغول بعمله وبعض الأقارب والجيران…لحظة! اليوم عطلة ولن يكون مشغولا بشيء
كان والد زمردة جالسا مسترخيا ، تشجعت أن تسأله: والدي الحبيب، ما قصة هذا الجبل المطل على كوخنا؟ توتر والدها ،عدل جلسته وقال : ممنوع على الجميع الصعود إليه وكفى ، هذا ما يهمك .ظلت مصرة أن تعرف سره وكررت السؤال حتى أجابها :هذا الجبل هو جبل الموت لأن كل من يجرب الصعود إليه يموت ، حتى توقف الناس عن هذا
فكرت زمردة وقالت متحمسة : والدي الحبيب، تذكرت آية تعلمتها في المدرسة (يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا) ، أي علينا أن نتبين ونتحقق من كل معلومة أو خبر ونستكشف مدى صحتها
تفاجأ والد زمردة من رد ابنته وقال : ما شاء الله كم تدهشيني بوعيك يا صغيرتي ، حسنا سنخرج لنتبين ونتحقق
جهزي نفسك للمغامرة يا ملكة المغامرات
مغامرة جبل المو
ركضت زمردة لتجهز أغراض الرحلة ، وقررت مع والدها أن ينتظرا للغد
في اليوم التالي بعد أذان الفجر بقليل ، استيقظت صديقتنا وتوضأت وصلت مع والدها قرآ أذكار الصباح ودعوا الله أن يحفظهما من كل سوء ،
ثم أخذت السلة التي حضرتها في المساء مع عصي تسلق الجبل.
على باب المنزل قابلهما جارهما في الكوخ المجاور متعجبا : السلام عليكم يا جار؟ ما هذا بين يديك؟ عصي تسلق الجبال؟ ونحن بين هذا الثلج الكثيف؟
رد والد زمردة : أنت قلتها بين هذا الثلج الكثيف . ثم قال هامسا لابنته: لاحظت رددت عليه ردا لا كذب فيه ، وفي نفس الوقت كتمت أمرنا هذذا الخلق الحسن الذي علينا ان نتحلى به.ابتسمت صديقتنا فخورة بحكمة والدها
ظلت زمردة تذهب إلى الجبل ، والحيوانات يأتون إليها ، تعرفت على جبل الحياة حتى رأته لما ذاب الثلج عنه ، وفيه غاباته الخضراء فاستمتعت بأشجارها وثمارها
أدركت جيدا أن الحيوانات كانوا بحاجة عزل جبلهم عن البشر ليعيشوا الحياة بسلام ،هذه فعلا مايسمونها (الحرية) ،وهي تستحق التضحية
اقترب فصل الخريف من جديد ، وبدأ الجو يصبح أبرد ، فقررت والدة زمردة تجهيز غرفة زمردة وأخيها الصغير للفصل الجديد،
ساعدت زمردة أمها طيلة اليوم فهي فتاة نشيطة متعاونة ، حتى جاء وقت النوم ، فارتدت ملابس النوم وغطت نفسها بغطاءها الدافئ
استيقظت فجر اليوم التالي و كان التاريخ 30/9/2000 بآلام مبرحة أسفل البطن والخاصرة اليمين ، ظلت تتساءل : لماذا كل هذا الألم في بطني .ارتديت ملابس دافئة وغطيت نفسي جيدا، ما القصة؟ ظلت تتلوى وتتألم حتى استيقظ الجميع لصلاة الفجر وحان وقت التجهيز للذهاب للمدرسة ، على غير العادة لم تنهض صديقتنا من الفراش ، فجاءت أمها توقظها غاضبة : زمردة لقد تأخرت !
لم تتمكن من الرد سوى أنها رفعت الغطاء وأشارت إلى مكان الألم في خاصرتها وظلت تتلوى
صرخت والدتها :إنها الزائدة الدودية انا أعرفها! علينا أخذك للطوارئ بسرعة…
عرفت والدة زمردة أن ابنتها تعاني من التهاب الزائدة الدودية ، فقد قرأت عنها جيدا من قبل لما مات قريب لها بسبب انفجار الزائدة الدودية من ش\ة الالتهاب
لذلك جهزتها وألبستها بصعوبة ثم انطلقوا
وصلوا لطوارئ المستشفى مسرعين ، وقرر الأطباء إدخال زمردة إلى غرفة العمليات
تسارعت الاجراءات وخافت هذه المرة صديقتنا كثيرا ، تذكرت أصدقاءها في الغابة كم يعشقون الحياة ، وهي كذلك عليها أن تتحمل قليلا الألم مثلما تحملوا عزلتهم
وما هي إلا لحظات سألها طبيب التخدير : عدي للعشرة .لم تعلم سبب هذا الطلب من الطبيب ، لكنها أجابت على الفور 1 2 3 .. ثم غابت عن الوعي وبدأت العملية
أفاقت زمردة تدريجيا أكثر من مرة آخرها كانت في غرفتها ،كانت أمها توبخ الممرضات :لماذا تتابعن التلفاز وتضعن مشاهد الدماء والقتل و صوت الرصاص ،فلربما تستيقظ زمردة وتشاهد كل هذا)
لم تكن تعلم أن زمردة أفاقت فعلا وشاهدت وسمعت بكاءهن وصرخاتهن وتحسباتهن
أول ما وقع عينها عليه كانت دماؤه ولحظة استشهاده ،كيف كان ممددا على الأرض قرب والده المصاب كل تلك الصور المشوشة ..إنه الشهيد الطفل محمد الدرة ابن 11 عاما
تم اقتلاعه كما اقتلعت الزائدة من جسد زمردة ، لكنهم لم يقتلعوا حب الحرية والحياة من قلوب أصدقائه
مرت الأعوام..واستمرت الانتفاضة انتفاضة أطفال الحجارة حتى عام 2005 كبرت فيها زمردة من عمر 8أعوام إلى 12 عاما
تبعتها حروب كثيرة لبنان والعراق وسوريا ومصر وليبيا
كل تلك الدماء روضت نفسها على مشاهدتها لكن أكثرها ألما كانت تلك الصورة
كلما رأتها آلمها جرح العملية وكأنها خرجت الآن من غرفة العمليات، نفس الألم لن يزول
وها هي زمردة الآن قد مر من عمرها 33 عاما ، تراقب أطفال الحجارة الذين كبروا وربوا جيلا جديدا يحملون حب الحياة ، في مغامرة طوفان الأقصى
بحثت عن والد محمد الدرة واسمه جمال الدرة وعرفت أن له أبناء وأحفادا آخرين زفهم شهداء في هذه الحرب
مثلهم مثل أصحابها على جبل الحياة ،عادت لتزورهم بعد انقطاع أكثر من مرة حتى تعيش معنى الحرية من جديد
كيف توحدوا وأخذوا جبلهم من البشر
تخبرنا زمردة بعد كل هذا خلاصة الدروس ( فلسطين جرح في أجسادنا..نحن جيل الانتفاضة )
سنساعدك في تحويل أفكارك إلى كتب ملهمة، حيث تنبض الحروف بالحياة وتصبح رحلتك مع الكلمات تجربة فريدة.
نضع بين يديك مجموعة من الأدوات التي تساعدك في رسم حكاياتك وأفكارك لتجعل من طموحاتك قصصًا تُروى وأخبارا لا تنسى.